الخـلايا الجـلفـانيـة

 

تعود تسمية الخلايا الجلفانية (الفولتية) إلى كل من العالمين الإيطاليين لويجي جلفاني ( Luigi Galvani , 1737-1798 ) الذي اكتشف عام 1786 م ظاهرة تأثير الكهرباء على عضلات الضفدعة عند تشريحها باستخدام أدوات تشريح من مواد مختلفة، واليساندرو فولتا (Alessandro Volta ,1745-1827) الذي استطاع تفسير هذه الظاهرة عام 1796 م .
والخلايا الجلفانية هي عبارة عن خلية كهروكيميائية يحدث فيه تفاعل كيميائي ( الأكسدة والاختزال ) وينتج عنه تيار كهربي أي يتم فيها تحويل الطاقة الكيميائية الى طاقة كهربائية .


والآن كيف يمكن الحصول على طاقة كهربائية من تفاعل أكسدة واختزال يحدث بشكل تلقائي ومستمر؟
لندرس تفاعل الخارصين Zn ) ) مع محلول كبريتات النحاس الثنائية CuSO4 :
عند غمر لوح من الخارصين ( الزنك ) في محلول كبريتات النحاس II يمكن ملاحظة ما يلي :
1- تآكل سطح لوح الخارصين.
2- تكون طبقة أسفنجية لونها بني غامق من النحاس ( Cu ) على سطح لوح الخارصين .
3- تقل شدة اللون الأزرق للمحلول تدريجيا دلالة على أن تركيز كاتيونات النحاس (Cu+2 ) يقل في المحلول.
4- يزداد تركيز كاتيونات الخارصين ( Zn+2) عديمة اللون في المحلول.



 يمكن تفسير ما حدث بما يلي:
1- تآكل لوح الخارصين ووجود كاتيونات الخارصين في المحلول يعود إلى حدوث عملية أكسدة لذرات الخارصين وتحولها إلى كاتيونات الخارصين.


2- ترسب ذرات النحاس على سطح الخارصين، ونقص تركيز كاتيونات +Cu2 في المحلول يعود إلى اختزال كاتيونات النحاس II وتحولها إلى ذرات تترسب على سطح الخارصين .
وبجمع نصفي التفاعلين نحصل على المعادلة التي تمثل التفاعل الحادث:

ولقد وُجِدَ أن هذا التفاعل الذي تم بشكل تلقائي يكون مصحوبا بانطلاق طاقة حرارية قدرها 217.6 kJ/mol ويمكن التعبير عن التفاعل الكلي الحادث بالمعادلة الحرارية التالية:
                                  
والسبب في انطلاق الطاقة الحرارية أن مجموع المحتويات الحرارية للمواد الناتجة اقل من مجموع المحتويات الحرارية للمواد الداخلة وبالتالي حدث التفاعل بشكل تلقائي ومستمر وأن تبادل الالكترونات تم مباشرة من سطح فلز الخارصين إلى كاتيونات النحاس II الملامسة لها في المحلول
وبهذا لم نحصل على طاقة كهربائية وإنما حصلنا على طاقة حرارية.
والآن كيف يمكن الحصول على طاقة كهربائية من هذا التفاعل؟
يمكن ذلك إذا أمكن إحداث كل نصف تفاعل في مكان منفصل فيزيائيا عن الآخر وأن يكون جزء من دائرة كهربائية مغلقة، وفي هذه الحالة سوف تجبر الإلكترونات على أن تسري في السلك (الموصل المعدني) على صورة تيار كهربائي من المكان الذي تحدث عنده عملية الأكسدة (الانود) إلى المكان الذي تحدث عنده عملية الاختزال (الكاثود)، وبالتالي يمكن الاستفادة من التيار الناتج في الحصول على شغل مفيد ( Useful work ) وهذا ما توصل إليه العالم الإيطالي أليساندرو فولتا عام 1796 م ، وبذلك استطاع تفسير ظاهرة تأثير الكهرباء على عضلات الضفدعة، وأطلق على هذا النوع من الأنظمة الكهروكيميائية اسم الخلايا الجلفانية أو الفولتية.




مما سبق نخلص إلى أنه لكي نكون خلية جلفانية (فولتية).يجب حدوث نصفي تفاعل الأكسدة والاختزال التلقائي في مكانين منفصلين فيزيائياً كجزء من دائرة كهربائية مغلقة، ويسمى كل نصف منهما نصف خلية.
نصف الخلية : نظام يتكون من وعاء به قطب (موصل فلزي) مغمور في محلول إلكتروليتي لأحد مركبات مادة القطب، وعندما تكون الظروف قياسية، يسمى هذا النصف نصف الخلية القياسي (أو قطب قياسي )، ويُعرف بأنه النظام الذي يحتوي على الفلز الموضوع في محلول تركيز أيوناته مول / لتر ( 1 M عند 25 °C ، وتحت ضغط يعادل 1 atm. ).
ومن أنصاف الخلايا :
نصف خلية الخارصين القياسي:
يتكون من وعاء به قطب من فلز الخارصين ( الزنك ) المغمور في محلول يحتوي على كاتيونات الخارصين( Zn+2 ) تركيزه 1 مول/لتر.عند درجة حرارة 25 °C وتحت ضغط جوي واحد 1atm.
والآن ماذا يحدث في نصف الخلية المنفرد :
في كل لحظة يتأكسد عدد من ذرات الخارصين (الزنك) وتتحول إلى كاتيونات الخارصين ولهذه العملية جهد يسمى جهد الأكسدة .
وفي اللحظة نفسها يختزل، يحدث اختزال لكاتيونات الخارصين من المحلول وتتحول إلى ذرات خارصين تترسب على القطب، ولهذه العملية جهد يسمى جهد الاختزال .
أي يحدث حالة اتزان دينامكي بين كاتيونات الخارصين في المحلول وذرات مادة القطب :

ونتيجة لحدوث الاتزان الكيميائي الديناميكي:
1-  يبقى تركيز المحلول ثابتاً.
2- تبقى كتلة القطب ثابتة.
3- نصف الخلية المنفرد يعتبر دائرة مفتوحة لأن لا يحدث انتقال للإلكترونات سواء منه أو إليه.
4- يرمز لنصف الخلية القياسي بالرمز الاصطلاحي:
نصف خلية النحاس القياسي:
كما في نصف خلية الخارصين يتكون من وعاء به قطب من فلز النحاس المغمور في محلول يحتوي على كاتيونات النحاس( Cu+2 ) تركيزه (1مول/لتر) عند درجة حرارة 25وتحت ضغط 1 جو

و يحدث فيه حالة الاتزان التالي:

 ويرمز له بالرمز الاصطلاحي التالي
نصف خلية الهيدروجين القياسي : standard hydrogen electrode


يتكون من فلز البلاتين Pt المطلي بأسود البلاتين ( بلاتين مجزأ ) لزيادة مساحة سطح التلامس والموضوع تحت ناقوس يمرر فيه غاز الهيدروجين تحت ضغط  1atm  والمغمور في محلول يحتوي على كاتيونات الهيدروجين بتركيز 1M  والناتجة من تأين حمض الهيدروكلوريك HCl والنظام يكون عند درجة حرارة 25والذي يحدث أن غاز الهيدروجين يلتصق على سطح البلاتين فتنشأ حالة الاتزان الديناميكي التالي:
وقد تم الاتفاق على أن جهد الاختزال القياسي لقطب الهيدروجين القياسي يساوي الصفر باعتباره القطب الذي تنسب إليه جهود الاختزال القطبية للأنواع الأخرى.
  
خلية الخارصين - النحاس القياسية
  من المناقشة السابقة توصلنا إلى أنه لا يمكن الحصول على تيار كهربائي من نصف خلية منفردة ولكن ماذا يحدث عند توصيل قطب الخارصين الموجود في نصف خلية الخارصين القياسي بقطب النحاس الموجود في نصف خلية النحاس القياسية بواسطة سلك من النحاس (موصل معدني) به مفتاح لفتح وغلق الدائرة وفولتميتر(لقياس فرق الجهد الكهربائي)؟
 

هل ينحرف مؤشر الفولتميتر أم لا ؟ وما تفسير ذلك؟
المؤشر لن ينحرف مما يدل على عدم مرور تيار كهربائي لأنه لو فرضنا حدوث أكسدة لذرات الخارصين وتحولها إلى كاتيونات الخارصين، وانتقال الالكترونات عبر السلك إلى كاتيونات النحاس واختزالها إلى ذرات نحاس فإن ذلك يعني أن محلول قطب الخارصين سوف يصبح موجب لزيادة كاتيونات الخارصين فيه ولم تجد ما يعادلها ومحلول قطب النحاس أصبح سالب لنقص تركيز كاتيونات النحاس نتيجة اختزالها .
وفي الحالتين هذا لن يحدث لأنه لا يمكن أن يكون المحلول سالب أو موجب فجميع المحاليل متعادلة وبالتالي لا يحدث تفاعل الأكسدة أو الاختزال وبالتالي لن يحدث انتقال للالكترونات. فلا بد من تلامس المحلولين دون أن يختلطا سريعا لكي لا يتم تبادل الالكترونات بين كاتيونات النحاس وقطب الخارصين وكذلك لكي يتعادل المحلول بالسماح لحركة الأيونات .

كيف أمكن التغلب على ذلك ؟
أمكن التغلب على ذلك بوضع قنطرة ملحية تصل بين المحلولين أو غشاء مسامي بين المحلولين عندها نلاحظ انحراف المؤشر مما يدل على مرور التيار الكهربائي .
مما تتكون القنطرة الملحية؟
 
تتكون القنطرة الملحية من أنبوب زجاجي على شكل حرف U يحتوي على محلول مادة الكتروليتية قوية من مثل كلوريد البوتاسيوم ( KCl ) أو نترات البوتاسيوم ( KNO3 ) أو كبريتات الصوديوم ( Na2SO4 ) المذاب في الجيلاتين. أو تسد بقطع من القطن لمنع تدفق السائل.
كيف يمكن تفسير ما حدث عند غلق الدائرة الكهربائية ؟
يمكن تفسير ما حدث على أساس أنه عند توصيل النصفين وتكوين خلية كاملة، يختل الاتزان الحادث في كل نصف خلية على حدة بحيث يحدث في الخلية ما يلي :
1-  في نصف خلية الخارصين تتأكسد ذرات قطب الخارصين مكونة كاتيونات خارصين ( Zn2+ ) أي تآكل القطب وزيادة تركيز كاتيوناته في المحلول ( تفاعل أكسدة في نصف خلية الخارصين (وبذلك يكون قطب الخارصين مصدر للالكترونات ويحمل الشحنة السالبة وبذلك يسمى المصعد.
2- تنتقل الالكترونات من قطب الخارصين ( الانود - المصعد ) إلى قطب النحاس عبر السلك الخارجي مكونة ما يسمى بالتيار الكهربائي.
 3- في نصف خلية النحاس تختزل كاتيونات النحاس وتتحول إلى ذرات نحاس تترسب على مادة القطب. أي تزداد كتلة مادة القطب ويقل تركيز كاتيوناته في المحلول.
وبذلك يكون قطب النحاس مستقبل الالكترونات فيحمل الشحنة الموجبة وبذلك يسمى المهبط .

4- يكون التفاعل الكلي مجموع التفاعلين عن الانود والكاثود بعد المساواة بين عدد الالكترونات المكتسبة أو المفقودة إذا لم تكن متساوية:
5- تعمل القنطرة الملحية على معادلة الكاتيونات ( الناتجة عن أكسدة الخارصين ) عند الانود ، وكذلك معادلة الأنيونات المتبقية ( نتيجة اختزال كاتيونات النحاس II ) عند الكاثود.
وبعدها تبدأ هجرة الأيونات عبر القنطرة المحلية حيث تنتقل الأنيونات الزائدة من محلول قطب الكاثود إلى محلول قطب الانود. وكذلك انتقال الكاتيونات من محلول قطب الانود إلى محلول قطب الكاثود.
أي تتحرك الكاتيونات باتجاه قطب الكاثود وتتحرك الأنيونات باتجاه قطب الانود وذلك من خلال القنطرة الملحية أو الغشاء المسامي.
والآن يمكن تلخيص عمل القنطرة الملحية بما يلي:
أ - معادلة المحلولين في نصفي الخلية.
ب - تعمل كمخزن للأيونات اللازمة للتعادل.
جـ - تعمل كجسر لنقل الايونات لتعادل المحلولين.
د - تمنع تلامس المحلولين المباشر.


وهنا فيديو يشرح تفاعلات التأكسد والاختزال في الخلية .